اسئلة من القراء
مَن هو جوج الماجوجي المذكور في سفر حزقيال؟
شرحت مطبوعاتنا لسنوات كثيرة ان جوجا الماجوجي هو اسم الشيطان ابليس بعد طرده من السماء. وقد بُني هذا الشرح على اساس ما يقوله سفر الرؤيا ان الشيطان ابليس هو قائد الهجوم الذي يُشَنُّ على شعب اللّٰه حول العالم. (رؤ ١٢:١-١٧) لذلك استنتجنا ان جوجا اسم نبوي آخر للشيطان.
على ان هذا الشرح اثار بعض الاسئلة الهامة. فبالإشارة الى الوقت الذي سيُهزم فيه جوج، يقول يهوه: «اجعلك مأكلا للطيور الجارحة ولكل ذي جناح ولوحوش الحقل». (حز ٣٩:٤) ثم يضيف: «في ذلك اليوم اعطي جوجا مكانا هناك، قبرا في اسرائيل . . . هناك يدفنون جوجا وكل جمهوره». (حز ٣٩:١١) فكيف يمكن ان تأكل ‹الطيور الجارحة وكل ذي جناح ووحوش الحقل› مخلوقا روحانيا؟ وكيف يمكن ان يُعطى الشيطان «قبرا» على الارض؟ فالكتاب المقدس لا يذكر اطلاقا ان الشيطان سيُدفن او تأكله الحيوانات، بل يقول بكل وضوح انه سيُطرح في المهواة ٠٠٠,١ سنة. — رؤ ٢٠:١، ٢.
بالاضافة الى ذلك، تخبرنا كلمة اللّٰه ان الشيطان سيُطلَق سراحه من المهواة عند نهاية الـ ٠٠٠,١ سنة، «ويخرج ليُضلَّ . . . الامم في زوايا الارض الاربع، جوجا وماجوج، ليجمعهم للحرب». (رؤ ٢٠:٨) ولكن اذا كان جوج هو الشيطان، فكيف يُضلُّ الشيطان نفسه؟! وعليه، فإن «جوجا» لا يشير الى الشيطان لا في نبوة حزقيال ولا في سفر الرؤيا.
فمَن هو اذًا جوج الماجوجي؟ للإجابة عن هذا السؤال، علينا ان نبحث في الاسفار المقدسة لنعرف مَن سيهاجم شعب اللّٰه. فالكتاب المقدس لا يتحدث عن هجوم ‹جوج الماجوجي› فقط، بل يتحدث ايضا عن هجوم «ملك الشمال» وهجوم «ملوك الارض». (حز ٣٨:٢، ١٠-١٣؛ دا ١١:٤٠، ٤٤، ٤٥؛ رؤ ١٧:١٤؛ ١٩:١٩) وهل تختلف هذه الهجمات بعضها عن بعض؟ ليس بالضرورة. فالظاهر هو ان الكتاب المقدس يشير الى الهجوم نفسه بأسماء مختلفة. وهذا الاستنتاج منطقي لأن الاسفار المقدسة تخبرنا ان كل امم الارض سيشتركون في هذا الهجوم الاخير الذي يُشعل شرارة حرب هرمجدون. — رؤ ١٦:١٤، ١٦.
عندما نقارن بين كل هذه الاشارات الى الهجوم الاخير على شعب اللّٰه، يتَّضح ان الاسم جوجا الماجوجي لا يشير الى الشيطان، بل الى تحالف اممي. وهل يقود «ملك الشمال» هذا التحالف؟ لا يمكننا ان نجزم بهذا الامر. لكن هذه الفكرة تنسجم مع ما يقوله يهوه عن جوج: «تأتي من مكانك، من اقاصي الشمال، انت وشعوب كثيرة معك، كلُّهم راكبون خيلا، جماعة عظيمة وجيش كثير». — حز ٣٨:٦، ١٥.
بشكل مماثل، يقول النبي دانيال الذي عاصر حزقيال عن ملك الشمال: «تثير اضطرابه اخبار من الشرق ومن الشمال، فيخرج بسخط عظيم ليُفني وليحرِّم كثيرين للهلاك. وينصب خيامه الملوكية بين البحر العظيم وجبل الزينة المقدس. ويبلغ نهايته، ولا معين له». (دا ١١:٤٤، ٤٥) وهذا يطابق ما يقوله سفر حزقيال عما سيفعله جوج. — حز ٣٨:٨-١٢، ١٦.
وماذا يحدث نتيجة هذا الهجوم الاخير؟ يخبرنا دانيال: «في ذلك الوقت يقوم [في هرمجدون] ميخائيل [يسوع المسيح]، الرئيس العظيم القائم [منذ ١٩١٤] من اجل بني شعبك. ويكون وقت شدة [الضيق العظيم] لم يكن مثله منذ كانت امّة الى ذلك الوقت. وفي ذلك الوقت ينجو شعبك، كل مَن يوجد مكتوبا في الكتاب». (دا ١٢:١) وهذا الاجراء الذي سيتخذه يسوع، ممثِّلا اللّٰه، موصوف ايضا في الرؤيا ١٩:١١-٢١.
ولكن الى مَن يرمز ‹جوج وماجوج› في الرؤيا ٢٠:٨؟ خلال الامتحان الاخير في نهاية الـ ٠٠٠,١ سنة، سيعرب المتمردون على يهوه عن روح القتل والكراهية ذاتها التي يعرب عنها ‹جوج الماجوجي›، اي الامم التي ستهاجم شعب اللّٰه في نهاية الضيق العظيم. وستكون عاقبة الفريقين واحدة: الموت الابدي! (رؤ ١٩:٢٠، ٢١؛ ٢٠:٩) لذلك، من الملائم ان يُدعى كل المتمردين في نهاية الحكم الالفي «جوجا وماجوج».
كمسيحيين مجتهدين في درس كلمة اللّٰه، نتطلع بشوق لنرى مَن سيلعب في المستقبل القريب دور «ملك الشمال». ولكن بغضِّ النظر عمَّن سيقود هذا التحالف الاممي، نحن على يقين من امرين: (١) سيُهزم جوج الماجوجي وحشوده ويهلكون؛ و (٢) سينقذ ملكنا يسوع المسيح شعب اللّٰه ويقودهم الى عالم جديد يعمُّه السلام والامن الحقيقيان. — رؤ ٧:١٤-١٧.